لفت رئيس الجمهورية ميشال عون في كلمة له خلال حفل اطلاق طوابع "الطيور المهاجرة" بمناسبة اليوم العالمي للطيور المهاجرة في قصر بعبدا، الى أن "ربّ قائلٍ إننا نهتم بأمور كثيرة وسط الأزمات التي تحيط بنا بينما المطلوب واحد وهو الالتفات فقط الى معالجتها، ربّ متسائل عن معنى اهتمامنا اليوم بالمحافظة على الطير، وبالأمس بحملات التحريج بينما لبنان يتخبّط بما يتخبّط به"، مشيرا الى أن "المطلوب منا معالجة أزمات كثيرة، ونحن نعمل عليها، ولكن هذا لا يعني أن نتجاهل شؤوناً أخرى لها أيضاً أهميتها ودورها الحيوي في حياتنا".
وأكد الرئيس عون أن "احترام قوانين الطبيعة ليس ترفاً، والسعي الى بيئة سليمة ليس من الكماليات، وكلنا نعرف انعكاسات التلوث، وانتشار النفايات والتصحر واثارها السلبية على الصحة العامة، فنظام الطبيعة يقول إن هناك ثلاثة عوالم متكاملة مترابطة ليستقيم التوازن وتستمر الحياة، وهي عالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات وأي خلل في أحدها ينعكس سلباً على الآخرين. وها هي الصحراء خير مثال، لا حياة لنبات فيها، إذاً لا حياة لإنسان ولا لحيوان"، مشددا على أن "لمؤسساتنا التربوية دورا كبيرا يمكن أن تقوم به من خلال إدراج البيئة في برنامجها التعليمي، وتعليم الطلاب احترامها وطرق المحافظة عليها".
وجزم أن "البيئة السليمة حق لكل إنسان كذلك هي ركن من أركان التنمية، البشرية والاقتصادية؛ فللإدارة الصحيحة للموارد الطبيعية وللمكونات البيئية أهمية حيوية في رفع مستوى الصحة العامة عبر الحد من الأمراض الناتجة عن التلوث بكل أشكاله وتساهم في نمو بعض القطاعات وأولها السياحة والزراعة"، مبينا "أننا نحتفل اليوم بإطلاق طوابع "الطيور المهاجرة" تأكيداً منا على إصرارنا على تحويل لبنان الى ممر آمن لهذه الطيور".
وأضاف: "لم يعد مقبولاً ولا مسموحاً أن يصنّف لبنان وهو الذي وقّع عام 1992 على "الاتفاقية الدولية الخاصة بالمحافظة على الطيور المعرّضة للانقراض في العالم"أن يصنّف من المناطق الخطرة التي تفقد فيها هذه الطيور حياتها فقط لأن بعض اللبنانيين يخلطون بين مفهوم الصيد وبين القتل المجاني. اللقلق والهدهد والورور والحجل والدوري والسفري وسن المنجل، طيور محرّم صيدها دولياً، فلنتركها تعبر بسلام لتؤدي الدور الذي رسمته لها الطبيعة"، لافتا الى أن "الخلط بين الصيد والقتل المجاني ينسحب أيضاً على موسم الصيد البرّي ويجب أن يتوقف؛ في العام 1952 صدر قانون ينظم الصيد ويحدّد الطرائد المسموح صيدها ولكن الفوضى وعدم الالتزام بالقانون أدّتا الى قرار منع الصيد في العام 1996".
وأشار الرئيس عون الى أن "فوضى قتل الطيور استمرت خصوصاً في بعض المناطق البعيدة عن المراقبة الى أن اتخذت وزارة البيئة عام 2017 قراراً مشكوراً بتحديد موسم للصيد البري يمتد قرابة خمسة أشهر في كل عام تبدأ في أيلول وذلك لحماية فترة التكاثر والنمو لدى الطيور ويحدّد أيضاً الطرائد المسموح صيدها"، معتبرا أن "الإنسان بطبيعته يميل الى الفوضى ويتحاشى الانضباط، فلا بد من مساعدته على الالتزام بالقانون وهذه مسؤولية مشتركة لا يمكن أن تكون على عاتق وزارة بل تفرض تعاون وزارات عدة وبشكل خاص وزارة البيئة والزراعة والداخلية والعدل وأيضاً الأجهزة الأمنية بالإضافة الى المجتمع الأهلي. نخسر الاخضرار ونخسر البحر ونخسر الطير، نخسر نقاوة الهواء وصفاء المياه وجمال المنظر، وهذه ليست بالخسائر السهلة أو التي يمكن تعويضها، خصوصاً أن أجيالنا القادمة ستحمل وزرها لذلك صارت المصالحة بين الانسان والطبيعة أكثر من ملحّة في لبنان، فلنتعاون كلنا معاً من أجل إرسائها".